2ـ أنها ليلة مباركة ، قال تعالى : { إنا أنزلناه في ليلة مباركة } .
3ـ يكتب الله تعالى فيها الآجال والأرزاق خلال العام ، قال تعالى : { فيها يفرق كل أمر حكيم } .
4ـ فضل العبادة فيها عن غيرها من الليالي ، قال تعالى : { ليلة القدر خير من ألف شهر } .
5ـ تنزل الملائكة فيها إلى الأرض بالخير والبركة و الرحمة والمغفرة ، قال تعالى : { تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر } .
6ـ ليلة خالية من الشر والأذى وتكثر فيها الطاعة وأعمال الخير والبر ، وتكثر فيها السلامة من العذاب ولايخلص الشيطان فيها إلى ما كان يخلص في غيرها فهي سلام كلها ، قال تعالى : { سلام هي حتى مطلع الفجر } .
7ـ فيها غفران للذنوب لمن قامها واحتسب في ذلك الأجر عند الله عزوجل ، قال صلى الله عليه وسلم : " من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه " [ متفق عليه ] .
فليلةهذه فضائلها وخصائصها وهباتها ، ينبغي علينا أننجتهد فيها ونكثر من الدعاء والاستغفار والأعمال الصالحة ، فإنها فرصة العمر ، والفرصلاتدوم ، فأي فضل أعظم من هذا الفضل لمن وفقه الله ، فاحرصوا رحمكم الله على طلب هذه الليلة واجتهدوا بالأعمال الصالحة لتفوزوا بثوابها فإن المحروم من حرم الثواب ، ومن تمر عليه مواسم المغفرة ويبقى محملاً بذنوبه بسبب غفلته وإعراضه وعدم مبالاتهفإنه محروم ، أيها العاصي تب إلى الله واسأله المغفرة فقد فتح لك باب التوبة ، ودعاك إليها وجعل لك مواسم للخير تضاعف فيها الحسنات وتمحى فيها السيئات فخذلنفسك بأسباب النجاة.
فالبدار البدار إلى اغتنام العمل فيما بقي من هذا الشهر ، فعسى أن نستدرك به ما فات من ضياع العمر ، فيما لا فائدة فيه ، فكم نشيع كل يوم ميت ، ونودعه وندفنه ، فتسال الدموع على الوجنات ، ثم ما نلبث أن ننسى ونعود إلى ما كنا عليه من غفلة وضياع ، فهذه العشر الأخيرة من رمضان قد تكون آخر ليالي ندركها فالموت بالمرصاد ، إن لم يأت اليوم فغداً آت لا محالة ، فاستعدوا بالعمل الصالح ، والرغبة فيما عند الله تعالى من النعيم المقيم الذي لا يزول ولا يحول ، فعلينا بالجهاد الذي لا قتال فيه ، ألا وهو جهاد النفس ، فنجاهدها نهاراً بالصيام ، ونجاهدها ليلاً بالقيام ، فمن جمع لنفسه بينهما ، ووفى بحقوقهما فهو من الصابرين الذين يوفين أجرهم بغير حساب .
وما أعظم أن يرغم العبد أنفه لربه تبارك وتعالى ، بكثرة السجود ، وكثرة الركوع ، وطول القيام ، لمناجاة الخالق جل جلاله ، فذلك من أعظم منازل الصبر ، أن يصبر الإنسان على طاعة ربه ، كيف لا ، وهو لم يخلق إلا من أجل العبادة ، فلنحرص على أن نتحلى بالصبر على طاعة الله تبارك وتعالى ، لأن صلاة التهجد تحتاج إلى ذلك ، وفضلها عظيم ، فهي قرصة العمر ، وغنيمة الزمن ، لمن وفقه الله تعالى .
وقد كان السلف الصالح من هذه الأمة يطيلون صلاة الليل متأسين بنبيهم صلى الله عليه وسلم الذي كان يقوم من الليل حتى تتفطر قدماه وتتشقق من طول قيامه لله ، ومناجاة لمولاه ، قال تعالى : " لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيراً " [ الأحزاب ] ، فلم عرف الصحابة ، وصالح سلف الأمة ما تدل عليه الآية ، اقتدوا بنبيهم عليه أفضل الصلاة وأزكى السلام ، يقول السائب بن يزيد : أمر عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، أبي بن كعب ، وتميماً الداري رضي الله عنهما أن يقوما للناس بإحدى عشرة ركعة ، قال : وقد كان القارئ يقرأ بالمئين حتى كنا نعتمد على العصي من طول القيام ، وما ننصرف إلا في فروع الفجر " ، وعن عبد الله بن أبي بكر قال : سمعت أبي يقول : كنا ننصرف في رمضان فنستعجل الخدم بالطعام مخافة الفجر " .
لما ذا يفعلون ذلك ؟ هل هذه الصلاة واجبة عليهم ؟ لا ، ولكنهم أيقنوا أن الجنة حفت بالمكاره ، والثمن باهض ، والطريق طويل ، فلا بد من إحضار المهر ، وقطع الطريق بالصالح من العمل .
فلنحرص على الاتصاف بتلك الصفات الصالحة ، ولنأخذ من نبينا صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة ، ولنقتد بصالح سلف الأمة رضوان الله عليهم أجمعين .