تتناول هذه الورقة أولاً وقبل كل شيء التغيرات التي تحدث في وظائف
أعضاءالجسم أثناء الصوم كما أن جميع فوائد الصوم الجسمية والعقلية قد وضعت
في الاعتبار. إنها تشرح كيف يكون الصوم علاجاً لعدد من الأمراض المعينة
مثل التهاب المعدة والصدام النصفي... الخ. وأخيراً تتناول الأمراض والظروف
النفسية التي لا ينصح فيها بالصوم مثل الحمل والرضاعة
(1) التحول الغذاثي للمواد النشوية والسكرية : -
لكي يحصل الجسم على التوازن الداخلي فإنه يجب أن يحتفظ بنسسبة السكر في
الدم أعلى من 80 مليجرام في المائة وأثناء الصوم وبعد أن تتم عملية امتصاص
المادة الكربوهيدراتية من الجهاز الهضمي واستفادها في عملية التحول
الغذائي فإن نسبة السكر في الدم يحتفظ بها عن طريق عملية تحلل الجليكوجين
أي أن الجليكوجين المختزن في الكبد يتحول إلى جلكوز بالطريقة الآتية : - .
جليكوجين--- فوسفا تيز 6 جلوتو ز- جلوكوز.
ومن الضروري أن يحتفظ بنسبة السكر في الدم أعلى من 80 مليكرام في الماثة
وإلا ظهرت اعراض انخفاض السكر في الدم إن عضوا مثل المخ لا يتم فيه أي
عملية تحولى غذائي ولكنه يستخدم السكر (جلوكوز) فقط للحصول على الطاقة
المطلوبة لأداء وظيفته ومن ثم فإن أي انخفاض في نسبة جلوكوز الدم سيؤثر
على وظيفة المخ.
إن عملية انتقال الجليكوجين، وتحلله في الكبد تبدأ بإفراز هرمونات معنية
مثل- الأدرنالين والكورتيكوستيرويد ويمر الجلوكوز الناتج من هذه العملية
إلى الدم للاحتفاظ بنسبة في الدم أعلى من 80 مليجرام في المائة. ويوجد
الجليكوجين أيضاً في الفضلات وهذا الجليكوجين يحول غذائياً في الأفراد
الصائمين ذوي النشاط العضلي. ولا يمكن الحصول على جلوكوز من عملية تكسر
الجليكوجين في العضلات وذلك لعدم توافر انزيم فوسفاتيز 6 جلوكوز وعلى أي
حال فإنه يمكن تولد الطاقة اللازمة من عملية التمثيل الغذائي للجليكوجين
في العضلات وفي حالة المجهودات العضلية الشديدة تحدث عملية تحلل
الجليكوجين في عدم وجود الهواء وينتج عنها حامض اللاكتيك الذي يمر إلى
الدم ويتحول بدوره إلى جلوكوز وجليكوجين، بواسطة الكبد.
وفي الشخص الذي يزن 70 كيلوجرام يختزن الكبد 100 جرام من الجليكوجين والذي
يمكن أن يمد أنسجة الجسم بما تحتاجه من جلوكوز لمدة 6 ساعات وكمية
الجلوكوز في الدم هي 8 جرام فقط. وبعد أن تستنفد كل مخازن الجليكوحي تبدأ
علمية الجليكوجنيسيز لانتاج جلوكوز من مصادر غير المواد الكربوهيدراتية
وخاصة من الأحماض الأمينية.
وأثناء الصيام عندما تنضب مخازن الجليكوجين في العضلات فإن الأخيرة تبدأ
في استخدام الدهون كمصدر للطاقة وخاصة في ، الأشخاص الصائمين ذوي المجهود
العضلي الكبيركذلك تبدأ عملية الجليكوجينيسيز للحصول على جلوكوز من مصادر
جديدة.
(ب) التحليل الغذائي للدهون :
تستخدم الدهون من المصادر الغذائية ومن مخازن في الجسم وتحلل مائياً إلى جليسيرول وسلسلة طويلة من.
الأحماض الدهنية ويتم ذلك في الكبد ويتحول الجليسرول إلى جلوكوز أما الأحماض الدهنية فتتحول إلى:-
كو انزيم أ+ ثاني أوكسيد الكربون+ ماء بالإضافة إلى بعض الأجسام الكينونية
والتي يمكن تحويله، واستخدامها في أنسجة معينة من الجسم وقد يشكل زيادة
نسبة الكينون خطورة وخاصة في بعض الأمراض التي يحدث فيها ارتفاع في نسبة
الأحماض مثل مرض البول السكري الغير منضبط وحالات عدم قدرة الكلى على
القيام بوظائفها... الخ.
وبالاختصار فإن التغييرات التي تحدث في عملية التحويل الغذاثي أثناء
الصيام تشمل تحرج الجليكوجين من أماكن تخزينه في الكبد وتحول الجليكوجين
الموجود في العضلات وأكسدة المواد الدهنية للحصول على الطاقة اللازمة مع
ارتفاع في نسبة الكينون وكذلك عملية إنتاج جلوكوز من الأحماض الأمينية
والتى تعد مضادة لعملية تكون الكينون أو تكون مصدراً للحصول على الجلكوز.
وفي الأشخاص غيرالصائمين تحدث هذه التغييرات بمعدل بطيء جداً أما أثناء
الصوم فإنه من المحتم أن، تزيد كمية المواد الداخلة في هذه التفاعلات
ويستفاد من هذا ترهيف وزيادة حساسية تفاعلات الجسم لمواجهة أي ضغط أو
إجهاد إنها عملية تنقية وزيادة حساسية تفاعلات الجسم لمواجهة أي ضغط أو
إجهاد. إنها عملية تنقية للتحويل الغذائي.
2- تغيرات الجهاز الهضمي.
أثناء الصوم يحدث في حركة الأمعاء هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى تقل
العصارة المعدية وعصارة الأمعاء وإفرازات البنكرياس و نتيجته لبطء حركة
الأمعاء ستطول فترة راحتها ولأن الراحة ضرورة فسيولوجية فإن راحة الجهاز
الهضمي ستعود بالنفع على الجسم.
أما قلة إفرازات الجهاز الهضمي فذلك. يحدث لسببين : -
1- أن المرحلة العقلية لإفرازات الغدد اللعابية والمعدية قد تكون
غيرمحسوسة إذا ما صام الفرد بعزيمة روحية حقيقية ولم يفكر في الطعام.
2- أما المرحلة الأخري، من الإفرازات فإنها تعتمد على وجود الطعام في الجهاز الهضمي. ولعدم وجود الطعام أثناءه ستقل ا لإفرا زات.
ونقص إفرازات الجهاز الهضمي سيسمح للغدد المفرزة أن تحصل على فترة راحة أطول كل يوم.
3- التغيرات الحادثة في القلب .
إن عشرة في المائة من كمية الدم التي يدفع بها القلب الى الجسم تذهب إلي
الجهاز الهضمي أثناء. علمية الهضم وفي أثناء الصوم إذ إنه لا توجد عملية
هضم فإن هناك انخفاضاً كبيراً في كمية الدم التي يدفع بها القلب إلي
الجهاز الهضمي وهذا يعني عملاً أقل للقلب وبالتالي قدراً من الراحة .
وفي عملية التحويل الغذائي فإن عملية تكون الكيتون قد تشكل خطراً في بعض
الحالات المرضية ولهذا فإنه من التدبرألا ينصح بالصيام في مثل هذه الحالات
خشية أن يلحق بالمريض ضرر إذا ما صام. ومثل ذلك مرضى السكر الذين يعانون
من زيادة مادة الكيتون في الدم أو الذين يعالجون بعقار البيجوانيد وذلك
لوجود خطورة تكون حامض اللاكتيك كذلك في حالات مرضى الكلى لا ينصح بالصيام
لنفسه الأسباب بالإضافة إلى أنه في هذه الحالات المرضية السابق ذكرهاب يجب
تناول كميات كبيرة من السوائل لضمان إدرار كميات معقـولة من البول ولما
كان أثناء الصوم يقل تناول السائل فإن عدم مقدرة الكلي على القيام
بوظائفها تزيد .
وفي الحالات الأخرى التي يكون المطلوب فيها الاكثار من تناول السوائل فإنه
لا يلزم الصوم مثل حالات حصاوى الكلى والالتهارب الصديدي ومرض البول غير
السكري . ومن الناحية الإيجابية يجد الأشخاص المصابون بالسمنة في الصيام
خطوة مساعدة لإنقاص وزنهم ما داموا لا يفرطون في تناول الطعام أثناء
الإفطار والسحور.
كما أن الصوم يكسبهم عادة الإقلال من الطعام حتى في غير أوقات الصيام. وقد
يجد مرضى السكر المعالجون بالأنسولين صعوبة في الصيام نتيجة لوجود خطورة
انخفاض نسبة السكر في الدم ولكن جرعتين من الانسولين قبل الإفطار وقبل
السحور قد تكونان كافيتين لتنظيم نسبة السكر. أما مرضى البول السكري
المعالجون بالعقاقير الخافضة للسكر والتي، تتناول عن طريق الفم فيمكنهم
الصيام طالما تجنبوا عقار البيجوانيد.
أما عند أمراض الجهاز الهضيي فإن التهاب المعدة هو أحد الأمراض التي تساعد
بنجاح فائق عن طريق الصوم طالما لايضاد المريض هذه الوسيلة الجيدة للعلاج
عندما يفطر بانهاكه وإسرافه في تناول كميات كبيرة من الطعام أو تناول
الأطعمة غير المسموح بها لهؤلاء المرضى بالذات.
أما مرضى قرحة الإئتى عشر فقد يلحقهم ضرر إذا ما صاموا لأنهم يحتاجون
لوجبات منظمة لتساعد القرح على الالتئام. أما مرضى الإسهال الحاد أو
المزمن أو أي مرض يصحبه قيء فعليهم ألا يصوموا لوجود خطورة جفاف الجسم
والتي دائماً ما تصحب هذه الأمراض إذا لم يهتم بإعطاء الكمية المطلوبة من
السوائل.
وبالطبع إذا ما كان المريض يشكو من مرض خطير أو في حاجة إلى علاج دائم أثناء النهار فان الصيام يكون ممنوعاً.
و في الصيام والراحة فائدة عظيمة لمرضى القلب وسيلاحظ مرضى الذبحة الصدرية
أنه أثناء الصوم ستقل عدد المرات التي يعانون فيها آلام الصدر وذلك نتيجة
لانخفاض كمية الدم الذي يدفعه القلب بنسبة ـ ا% إن المرضى الذين في حاجة
لدخول المستشفى أو يحتاجون علاجاً عن طريق الفم أو الحقن أثناء النهار يجب
عليهم ألا يصوموا.
وإذا أخذت الأمراض النفسية في الاعتبار فإن معظم- إن لم يكن جميع الأمراض
المسماة بالعصبية- تشفي بالصوم. إن فكرة الصيام بغض النظر عن الروحية تمثل
الزهد والإعراض عن كل ضرورات الحياة الحسية كالطعام والشراب والجنس،
وبإبعاد هذه الضرورات الجسمية إلى مستوى غير محسوس فإن العقل وبطريقة
أوتومائكية لا بد له أن يتمرس على تنظيم الجسم حتى تصير غضبة الجوع والعطش
غيرمؤلمة.
وعلى هذا فإن الأمراض العصبية التي تؤدي إلى أعراض جسمانية والمسماة
بالأمراض النفسية الجسمية ستشفى إذا ما سمح الصيام لعقل المريض أن يبذل
جهده لوضع تنظيم إيجابي على الجسم. وإذا كان الصائم بحماس ديني فإن
الأمراض النفسية والعصبية الأخرى مثل الاكتئاب والقلق والهوس ستشفى
بالصيام وهذا يتحقق إذا لوحظ أن للصيام أثراً على العقل المضطرب. إن
الحالة المضطربة للعقل في الأمراض النفسية المذكورة من قبل سوف تهدأ أو
تلطف وستقوى الروح المعنوية للفرد .
إن الصداع النصفي أحد الأمراض التي قد تبدو سبباً لعدم الصيام ولكن حقيقة
قد يكون الصوم هو العلاج. إن عدداً من مرضى الصداع النصفي قد يعانون من
هجمات حادة إذا صاموا وهؤلاء المرضى عادة ما يكونون من ذوي الطبع المتشكك
وكثيراً ما تظهر عليهم أعراض القلق إذا ما حدث شىء غيرصحيح ولهذا يسعون
بجدية لتصحيح الأوضاع غير السليمة ووضعها موضع الصحة.
وفي الصيام فإن ألم الجوع ليس شيئاً غيرمحسوس بالنسبة لهم لأنهم يعلمون
أنه يمكن أن يسكن بالطعام وعليه فإن مرضى الصداع النصفي يمكنهم أن يصوموا
ويستفيدوا من الصيام لو أنهم عرفوا كيف يصومون بطرية، صحية. إن الجوع سوف
يتوقف عن أن يكون الزناد لحدوث الصداع لو أنهم تعلموا الاسترخاء وتعلموا
أن يتقبلوا آلام الجوع كحقيقة فسيولوجية عادية أو لا يحاولوا أن يحاربوها
.
أما الأشخاص المدخنون والذين يريدون أن يتركوا هذه العادة فإنهم سيجدون في
الصيام أرضاً جيدة للتدريب على هذا. إن عدم التدخين في الفترة من طلوع
الشمس حتى غروبها سيكون كافياً لحدوث بعض الأعراض نتيجة لإلغاء عادة
التدخين وبمرور الوقت خلال شهر رمضان سيضعف هذا التوقان إلى التدخين
كثيراً وسوف يتمكن الفرد من الإقلاع عن هذه العادة تماماً .
وتنصح السيدات الحوامل بعدم الصوم وذلك لزيادة الحاجة إلي التحويل الغذائي
بسبب وجود الجنين والتي تؤدي إلى ازدياد نسبة الأجسام الكيتونية التي تضر
بالجنين كما أن السيدات الرضع سوف يلاحظن نقصاً في كمية اللبن أثناء الصوم
وخاصة أثناء الجو الحار وسوف يعاني الطفل من عدم كفاية اللبن.
أما الحائض والنفساء فيجب عليهما ألا يصمن لانهما تعتبران غيرطاهرتين من الناحية الإسلامية.
قال الله تعالى:
بسم الله الرحمن الرحيم
(ويسألونك عن المحيض قل هو أذى ) ( 2/ 222).
إن تأجيل، الدورة الشهرية عن طريق العقاقيرأثناء شهر رمضان ليست ممنوعة.
لقد أخذت في هذه الورقة بالبحث الفوائد الجسمية والعقلية للصيام أما
الفائدة الروحية فهي أبعد من مجال هذه الورقة ولكن يجب أن يستحضر في العقل
أننا نصوم طاعة وامتثالاً لأوامر الله جل وعلا وليس أولو ياً لتحقيق منافع
جسمية أوعقلية.
إن الله بحكمته قضى أنه من الضروري لنا أن نصوم ولهذا فإننا نقبل هذا دون
اعتراض أو مناقشة ولكن الله سبحانه وتعالى، أخبرنا أيضاً أن الصوم خير لنا
:
نصائح
- يجب عدم الإفراط في تناول كميات كببرة من السوائل أو المشروبات والماء
بعد سماع أذان المغرب مباشرة ، بينما تكون المعدة في هذه الحالة خالية
تماما. وإذا حدث ذلك فإننا نجد أن هذه السوائل يتم امتصاصها من الأمعاء
بمعدل سريع ، فتذهب مباشرة إلى الدم مما يؤدي إلى انخفاض تركيز الدم
وبالتالي يحدث زيادة ملحوظة في إفراز السائل المائي بواسطة الجسم الهدبي
مما ينتج عنه زيادة ضغط العين وبخاصة لدى مرضى الجلوكوما المزمنة البسيطة
الأمر الذي يؤدي إلى تفاقم الحالة وزيادة حدتها.
ــ من الحكمة ، استشارة طبيب مسلم خبير في علمه ، حاذق وماهر في تخصصه
ولديه خلفية فقهية سليمة في أية مسالة تستدعى معرفة رأي الدين بالإضافة
إلى الناحية الطبية دون تردد أو حرج . فالطبيب في خدمة المريض دوما كما أن
المريض أمانة في عنق الطبيب أمام الله سبحانه وتعالى .. ولا شك أن من
الواجب على كل طبيب مسلم الإلمام بالمعرفة بالناحية الفقهية في التخصص
الذي يمارسه .. ومن هنا كانت دعوة علماء الطب الإسلامي لتدريس علم فقه
الطبيب للأطباء الممارسين والمختصين ، في كليات الطب ، وهي بلا شك دعوة
هامة وضرورية ونأمل أن تأخذ طريقها إلى التطبيق العملي في القريب العاجل
بمشيئة الله تعالى